مشهد (33) ليل داخلي


يجلس الشاب علي مكتبه ويمسك بالقلم ليكتب كلاماً ليس بجواب لأحد، ولكنه مجرد تعبيراً عما بداخله ليبدأ الكتابة:
"هذا أنا.. الغير مبالي بوجود شخصاً بجانبه، الغير مهتم بقرب أو بعد الأشخاص من حوله، الذي كان يعتبر يوماً أنه لا يحتاج لأحد سوى نفسه وحلمه وعزيمته.
حتي أتي يوماً كان يحسب أنه غير قادم يوماً وقع فيه بالحب ليس للمرة الأولي ولكن أحب مرة أخرى ليداوي جراحه القديمة وينسى ما ضيعه من أوقات وما أنفقه من جهد لأسعاد شخصاً أصبح الأن بعيداً عن قلبه بعد السماء للبحار، ولكن تمر الليالي وأحب فتاة أخرى وكأن شيئاً لم يكن بعد أن واعد نفسه أن يبتعد عن كل ما هو أنثوي حتى يثبت نفسه ولو فقط أمام مرأته ولكن تمر الأيام وتنسيه ما قد وعد به نفسه مسبقاً، هذا هو أثر الدهر ينسي ما تظن إنه لن ينسى
أصبحت الأن أعيد نفس الأحداث تقريبا، نفس اللهفة عند سماع صوتها نفس الاهتمام عند القرب منها أو رؤيتها بمكان ما حتي نفس طريقة الحب لها ولكن مع أختلاف واحد في الحب وهو تغير الشخص الذي أحبه.
يتسأل قلبي وعقلي معاً هل هي مثل ما فات من وقتك في علاقة سابقة كان مكتوب عليها الفشل من قبل أن تبدأ حتى أم هي غير ذلك وإذا كانت حقاً هي علاقة حقيقية ومستمرة.. فسوف تستمر الي أين؟
كلها اسئلة يعتبرها البعض منطقية ولكني اعتبر اجابتها أشبه بالمستحيل فوحده الزمن قارد على الأجابة على كل هذه الاسئلة كأجابته علي وعدي القديم.
تعجبني هذه الحالة من حب شخصاً ما والتهافت عليه أو الرغبة في الجلوس معه بقيت حياتي رغم المشاكل الصغيرة التي تنشأ بين أي علاقة بين رجل وامرأة خصوصاً إذا كانت امرأة مصرية ولكني أشعر بالخوف بالقدر الذي أشعر به بالأعجاب فأخاف علي نفسي بعد ذلك من أن أدوي جراح علاقتين بدلاً من علاقة واحدة وأخاف علي وقتي ومجهودي أن يضيعوا مثلما ضاعوا قبل ذلك وأخاف علي نفسي من أن أفقد أهم شيئين عندي هما حلمي وعزيمتي حتى أخاف على من أحببتها من أن تذوق من نفس الكأس الذي ذقته أنا مسبقاً وأعرف طعمه المر وتأثيره اعتقد إن هذا ما يسمونه بالتشتت.
المحب يشعر بحبيبه ولو يبعد عنه ملايين الامتار فأشعر أنا ناحيتها أنها تعاملني بالحب المفرط مره وبالجفاف العاطفي والفتور مره أخري ولا اعرف السبب. هل هي أيضاً تشعر بهذا التشتت بداخلها وتمر بنفس مراحلي ونفس حالة الأعجاب والخوف معاً أم أنا الذي يعتقد بهذا فقط ولكني أحاول كلما ألقى الجفاء أن أعامله باللين والحب ولكني أشعر انه بلا جدوى فاليوم علي وجه التحديد شعرت أني أحتاج الي جرعة من الحب كأي شخص يحتاج الي ما يعاونه علي الاستمرار في العيش في حياة غير مفرحة طوال الوقت فأتصلت بها في الساعة الثانية فجراً الوقت الهادئ السحري الذي تحل فيه كل عقد من يعشقون أملاً في أن تحل عقدتي ورغبة في سماع كلمة أدمنها مثل ما يدمن الشخص "الكوكايين" ولا يستطيع مواصلة أيامه بدون هذه الجرعة فكلمة "أحبك" من شخصاً تحبه بمثابة جرعة زائدة من مخدر سعادة يجري في عروقك ويجعل كل أعضاء جسدك تستعيد قوتها أو ككوب ماء في رمضان بعد صوم طويل في حر مهلك ويكون أمنية الصائم هي ولو قطرة ماء واحدة وبعد أن قمت بالأتصال لترد هي وابدأ بالحديث أنا عن حبي وأشتياقي لها بعد مرور أيام بدون أن تراها عيني لأجد منها التحدث حول مواضيع يمكن أن أتكلم بها مع صديق وليس مع حبيب كنت أنتظر منها شيئاً عكس ذلك بما أننا لم نتقابل كثيراً في الفترة الماضية أظن إنه يجب أن يكون عندها نفس مقدار الأشتياق الموجود لدي يمكن أن أكون مبالغاً فيما أقوله ولكن أعتقد إن من أقل حقوق المحب أن يبادله حبيبه نفس المشاعر.
أصبحت أنا الغير مهتم أكثر شخص مهتم بكي أنتي أيتها الفاتنة وأصبحتي أنتي المهتمة بي أكثر الاشخاص تجاهلاً لي في هذه اللحظة ولكني أحب أن أقول لك وأنا أعرف إنك يمكن أن لا تقرأي هذه الثرثرة الليلية ولكني لا اتأكد من شئ سوى حبي لكي."
وبعد أن أنتهي من الكتابة يرن هاتفه معبراً عن وجود رسالة ليسرع الشاب ممسكاً بهاتفه يظن مضمونها اعتذاراً منها ليفتح الرسالة ويكون المكتوب بها :
(احنا لازم نسيب بعض لمصلحتنا.. أسفة)

تعليقات

المشاركات الشائعة