"تقهير الفن" ما هو غير قاهري.. يندثر

 




يفضل الأستماع لأغنية على المدينة لمحمد منير أثناء قراءة هذا المقال وهو إن حدث يعتبر نجاحاً يكتفي به هذا المقال



المدينة الغدارة

كما وصفها مولوتوف وهو صانع موسيقى إلكترونية يعيش بالقاهرة، يعتقد من يعيشون في المدينة أنهم بفنهم أعلى من كل من بخارجها أياً كان مكانه ويصورون هذه الحالة للعامة والتي تصل إلى سكانها إنهم "بالفهلوة" يستطيعوا أخضاع أكبر قدر من الأجانب والسياح للوقوع في حبه أو التقليل من الأفارقة وجعلهم كالتائه بالزفة أو يعطيك "١٠٠ بجرة ويتزوجها" كما حدث في فيلم التجربة الدنماركية من أخراج علي ادريس وبطولة عادل إمام أو حتى الأستهزاء من اللهجات المختلفة الموجودة في مصر من صعيدها وفلاحيها كفيلم "رمضان فوق البركان" والذي صور الفلاح على أنه ساذج قادم من الأرياف إلى المدينة لتحقيق حلمه في قاهرتها كأفلام كثيرة قامت بنفس الفعل جعلت من بالأقاليم عاراً يحاولون أخفاء هويتهم بالمدينة والتظاهر بالتمدين للهروب من فخ السذاجة.



اعتبرني بلال يا أخي

كحال كل من أراد أن يصنع فناً يقال له على المدينة على حد وصف محمد منير الفتى النوبي الذي جاء من خلفية لم يأتي منها أحد من قبله ولا من بعده، قرر أن يثور على الماضي ويختلف عن الحاضر، في بدايات منير وبعد نجاح كبير له بعد رابع ألبوم بأسم "اتكلمي" صرح المطرب محمد الحلو بأنه وعلي الحجار وهاني شاكر ومدحت صالح هم من يشكلون الطرب الأصيل في مصر ليتفاجئ الحلو بعدها بمكالمة على هاتفه وهو بالسيارة وأذا به محمد منير غاضباً:

“خلاص … إنتم الأربعة اللي ماسكين لواء الغناء العربي يعني؟ الخلفاء الراشدين؟ شتيمة … طب اعتبرني بلال يا أخي!”

تعرض منير من بدايته بالكثير من العنصرية والتنمر على لونه وأسلوبه حتى شعره المنكوش وطريقة ملابسه، شعر بالغربة في المدينة؟ لا شك، ولكن استطاع منير رغم كل هذا بتوصيل صوته والتعبير عن نفسه كشب عاش على أطراف الدولة ولكنه نجح في عاصمتها.

الكتاب الأساسي في حياة شاب مثلي والأول والأخير، هو الكتاب الذي لم يطبع بعد وهو تراث الفلاحين المصريين من غنا، قصائد، دعاء واستقبال المواليد، هذا الكتاب الذي لا أستطيع الأشارة أليه في تكويني الأساسي” قالها عبد الرحمن الأبنودي الشاعر الذي ولد في أبنود بمحافظة قنا كان يبحث عن جذوره الصعيدية في كل مكان يذهب أليه في العاصمة.

“عارفه يا مرتي الراجل في الغربه يشبه إيه .. ؟
عود دره وحداني .. في غيط كمون ..”
― عبد الرحمن الأبنودي, جوابات حراجى القط





الفنون التلقائية الشعبية

في طريقك للجنوب حيث تنتهي الموسيقى التجارية التي تنتجها القاهرة، تصل لما هو أكبر من مجرد صناعة للموسيقى وتكون داخل حالة فريدة تعبر عنهم وتصف ما يشعرون به من تهميش ومن هذه الفنون هو فن الكف والذي يعتبر تلاقي للمواويل الصعيدية والالات الموسيقية المختلفة التي تتغير شكلها مع تغير اللون الذي يغنوا به، ولكن أخذت دوامة القاهرة منهم الكثير فأصبح التسجيلات والكاسيت لهم مرتبطة بكلمات محددة ومكتوبة وليست أرتجالية وتلقائية في موسيقاها ومنهم من أصبح يعيش على موالدها وأفراحها مما قلل من قداسة الصوت الجنوبي وجعله صوت شعبي يتحمل اصحاب الآراء العاصمية.
بلا آلات موسيقية

في مصر يوجد الكثير من يغنون بدون آلات في الخلفية كالمواويل ،الواو ،الحدي الذي كان موجود بفيلم الهروب وأغاني الصيادين ولكن أحد الأشكال الموسيقية هنا قادمة من جنوب الأقصر وتسمى باللغم وهي عبارة عن غنى مركزًا أو ثابتًا في الأداء. الثابت هو الحرف أو القافية، فيقول:
“بيًّا جروح ما مطاقة”، ليرد عليه الآخر:” حَطَوه بلا شباك ولا طاقة “مكان لا فيه شباك ولا طاقه المقصود القبر، أو “بقى عاطل كبير سنه”، يرد عليه: “ناس كانوا عُجَال للضيف لا قعدوا ولا اسنوا” (أي استنوا). سطر واحد بسيط، يستغرق المؤديَين في الإطالة وتقطيع الحروف وإضغامها أحيانًا أو مَطَّها أحيانًا.

صاحب الأسنان الذهبية
"لما سافرت بره وشوفت وشوش الأجانب لقيت كلهم فراولة فغنيت للفراولة فبقى ليها سعر في مصر" قالها الريس متقال في لقائه مع سامية الاتربي وهو يتحدث عن ألهامه في أغنيته الشهيرة "الفراولة" وتحدث عن بداياته في مهرجان أمون الذي أقيم في الأقصر في الخمسينات وشارك فيه هو وعدة فرق صعيدية وكان وقتها يعرض على التلفاز ولم يكن يصدق أنه يستطيع رؤية نفسه بعد ذلك في صندوق كما وصفه وقتها للتلفاز وبعدها سافر إلى القاهرة لتسجيل أول شريط كاسيت له وسحرته أضواء المدينة بكل تفصيلها وضوضائها الموشوش لتسأله المذيعة بعد كل ذلك عن أسنانه الذهب ليجيبها " أنا مش بشيل فلوسي في بنك وبشيلهم في حنكي لو أتعثرت أبيع"

تعليقات

المشاركات الشائعة