وتاهت بينا أغانينا

 



موسيقى فرقة فرنسية تعلو المكان، أمسك باليد الأولى البيرة واليد الأخرى حول خصرها، كل من في المكان يرقص بما فيهم نحن، غير مكترثين بما يحمله العالم لنا أو بنظرات من حولنا، الموسيقى ترتفع فنرقص برشاقة أكثر كانت تشبه يومها Ginger Rogers في رقصها مع Fred Astaire.

«احنا أصحاب بس» قالتها وهي تنظر في عيني وعيناها تقول غير ذلك، لم أعطي اهتمامًا لما تقول كأن الزمن توقف في هذه اللحظة، عشنا أضعاف عمرنا، شعرت أني ذهبت للقمر وعدت في نفس اللحظة، تكلمنا كثيراً دون أن ننطق، لا شك للفرقة الفرنسية التي تغني دوراً في ذلك والبيرة المشبرة أكيد.



اختلافها كان يجعل كل من يراها يقع في حبها ويتربص بحركاتها المربكة أحياناً، «الكل بيحبها لكن هي بتحب مين؟»، لا تستطيع أن تخمن ما هي خطواتها القادمة، فيما تفكر، أو ماذا تريد؟ لا أحد يعلم، أعتقد ولا حتى هي.

كانت «قافلة الواتساب» معادية السوشيال ميديا المجنونة في عالم عاقل جداً، ولكنها «لحسن حظي» تركت باباً مفتوحاً بالماسنجر فطرقته. تحدثنا في مواضيع عشوائية ثم أرسلت لي أغنية I HATE EVERYBODY وهي تقول لي أنها تشبه Halsey، شعرت أنها تعنيها حقاً، تشعر أن الأغنية مكتوبة لها بالفعل، فكل طاقة الغضب والتخبط والغبطة معاً لا تخرج سوى منها، كنت أندهش من طريقة تسامحها مع من آذاها.

في يوم شعرت بالغضب مما تفعل فسألتها لماذا تعفي عنهم بهذه السهولة؟ لتطلق سهم إجابتها في عقلي «كلنا سيئون لسنا بملائكة نحن متناقضون حتى مع ذاتنا»، سمعت الأغنية طوال حديثنا في هذه الليلة وأنا أتسائل هل تحبني حقاً وHalsey ترد في أغنيتها But maybe I, maybe I don't


متمسكة بسيجارتها كمن يتعلق بقشة في بحر عميق، تقول لي هسمعك فرقة متأكدة أنك مش هتعرفها هتوديك لعالم تاني رديت سمعيني، كانت موسيقى فرقة Cigarettes After Sex سمعناها معاً قبل أن أصدمها بمعرفتي بالفرقة من قبلها بالأساس وأعبرلها عن حبي لأغنية apocalypse

في يوم أخر كنت بالعمل اتصلت بي وقالت أنها جالسة في أحدى المقاهي على النيل وتحتاجني استغربت من المكالمة السريعة الخاطفة وأنا أقول بداخلي عيد ميلادي مضى عليه شهرين ولا يمكن الأحتفال به بعد كل هذا الوقت

- أنت فين؟ قالتها وهي متوترة!

- في أوبر خلاص فاضل دقيقة وأكون عندك

وصلت لأجدها تبكي وتحتضني في وسط الطريق ماحدث أو ماذا سيحدث؟ لماذا جعلتني أقطع مسافة كبيرة لأصل أليها؟ لماذا تبكي وما الذي يحزنها؟ هل دفعت لسائق الأوبر الإجرة؟ لا يهم هي بحضني الأن.

لم أتذكر يومها غير هذه الفرقة التي سمعناها معاً شعرت بأني أشهد على نهاية العالم.


تشرب القهوة مع السيجارة في الصباح بينما أصورها أنا وسط أصوات العصافير والهدوء الكاسح في المعادي بحديقة للكلاب، لا أعرف كيف تصل لهذه الأماكن لكن ما جذبني بهذه اللحظة هو صوت Lp من هاتفها كانت كطائر يعندل وسط زقزقة العصافير.

- عايزة أشتري بيت في المعادي أبيض في الدور الأخير فوق السحاب ويدها تنظر إلى أحد المباني.

- وأزورك! سؤال يحمل أوجه كثيرة قصدتها كلها.

دائماً شعرت أن هناك ما ينتظرها في مستقبلها، شيء ما ينتشلها من أفكارها التي تملؤها بالحزن والتعب، هي تحلم به كل ليلة دون أن تعرف ما هو.

Oh baby, please, leave me alone

Can't you see I'm in recovery?

Just let it be, I'm in recovery



أمام الشاطئ والبحر الفاض تضع رأسها على فخذي، أشعر بكتلة التفكير داخل رأسها، نسمع الهضبة رغم إني لست من عشاقه، حيرتني أغنية تحيرك. كنا نسمعها وهي مشتتة الزهن ولكنها تشعر بالارتياح والخوف من القدر، الحب والشعور بالاحتياج. توصف لي كيف يتحول شعورها من الحب للكره وعكسه، ترسخ لي فكرة ثم تأتي بسيارة فيات ١٢٨ وتدعسها، تشرح لي موقف في Hمتعاض وبعدها بجمل قليلة تشاهد بهجتها من نفس الموقف، بالنسبة لي ليست الجنة التي حلمت بها ولكنها الفردوس التي لا تستطيع تخيل شكله أو ملامحه... مر الوقت والبحر ساير وأنا وعمرو متحيرين.



أتخيلها بطلة في فيلم بدون بطل، أحب دفاعها عن كل ما تراه يستحق العيش أفضل منها وحتى من لا يستحق، أعشق حديثها عن الأقليات، المهمشين، المرأة وكل من تريد أن تعطيهم حب بدون مقابل. لا أنسى بحثها عن كتاب فيلمها المفضل بشغف وسط الكتب العتيقة بمكتبة بالمعادي أو كلامها عن كتابها المفضلين أو عن أغنية سمعتها بالأمس، عني.. أنتظرها «تمنشني» في وسط حديثها. أعتقد لو كانت بفيلم سيكون كله عبارة عن أغنية November Rain لفرقة Guns N' Roses وتعاد الأغنية حتى نهاية الفيلم.


تعليقات

المشاركات الشائعة